انحياز الشركات وقت الأزمات
كقادة أعمال، تقع على عاتقنا مسؤولية تنمية وتطوير الشركات والابتعاد بها من سلبيات الإنحياز عند الازمات السياسية. ولكن ماذا لو كان هناك كارثة إنسانية مثل التطهير العرقي في غزة بعد أحداث ٧ اكتوبر ٢٠٢٣؟
إن القيادة بنزاهة وتعاطف والالتزام بالعدالة الاجتماعية في أوقات الأزمات، مثل العدوان الإسرائيلي المستمر، اختبار حقيقي للقادة، ويصبح من الأهمية بمكان أن نتمسك بقيمنا ونظهر الدعم للقضايا التي تتماشى مع مبادئنا.
ولكن لماذا قد ينحاز قادة الشركات للجانب المعتدي والمحتل، أو الحياد وخصوصًا في ظل مظاهرات شعبية بعد أن غيرت منصة X و TikTok الصورة النمطية والسرد الاسرائيلي مما يساعد قادة الشركات المحايدة على الانتقال من الحياد للانحياز للطرف الفلسطيني المدعوم ولأول مرة منذ بدء الاحتلال من شعوب العالم.
أسباب الانحياز للطرف الاسرائيلي:
- – التأثر بسردية الجانب الاسرائيلي والتي غذتها محطات اعلامية لمدة خمسين عام وشوهت صورة فلسطين والعرب والاسلام.
- – اعتقاد قائد الشركة بالصهيونية فكراً ومنهجاً.
- – الخوف من خسائر مالية قد تتعرض لها الشركة من مموليها أو عملائها الصهاينة.
- – الخوف من اضطهاد حكومي او سياسي والاتهام قانونيا بالارهاب او بمعاداة السامية.
أسباب الانحياز للطرف الفلسطيني:
- – القادة العرب والمسلمون عموماً يدركون أن ما يسمى “بالصراع” الفلسطينى الاسرائيلي هو “احتلال”، وما يسمى “ارهاب” حركة حماس هو “مقاومة” شرعية. وعليه فإنهم ينحازون لقيمهم التي تنعكس على ثقافة شركاتهم وموظفيها وعملائها.
- – حجم الاجرام الاسرائيلي أكبر من تجاهله، وخصوصاً في ظل وجود منصات التواصل X و TikTok اللتان سمحتا بقدر جيد من الحرية في فضح جرائم إسرائيل والإبادة الجماعية وهدم المنازل والمستشفيات والمدارس وحرمان الشعب الفلسطينى من الماء والدواء والطعام والوقود ومن ثم قتل ١٣٠٠٠ فلسطيني حتى وقت هذا المقال، ٧٤٪ منهم اطفال ونساء وكبار في السن، وحسب الرواية الاسرائيلية فإن عدد اعضاء حماس الذين تم قتلهم ٦٠ شهيد من اصل ال ١٣٠٠٠ شهيد. مما أثار العالم بأسره، وحشدت الشعوب المظاهرات العالمية التي تنصر فلسطين قاضية بذلك على سردية إسرائيل المدعومة من حكومات ومنظمات ومحطات عالمية، مما شجع قادة الشركات لكسر الصمت والخوف ودعم فلسطين لكسب رضا الله ورضا موظفيهم وزبائنهم.
- – القادة الذين تتبلور قيمهم الشخصية نحو العدل والمساواة والحرية، لن يدعموا إسرائيل مهما كانت ديانتهم أو بلد الشركة. وستجد أن اغلبية ثقافة شركاتهم يميزها المحافظة والقيم الانسانية، وسينحازوا لفلسطين انتصارا لثقافة الشركة وقيمها.
أسباب الحيادية:
- – عدم الاكتراث واللامبالاة لأسباب كثيرة من أهمها البعد الجغرافي والاجتماعي والسياسي من منطقة الشرق الأوسط.
- – خشية القائد من خسارة الشركة عند الانحياز لأحد طرفي الاحتلال.
- – خوف القائد من المسائلة القانونية والزج به في السجن وخصوصًا إذا كان بلد الشركة لا يسمح بحرية التعبير.
- – خشية القائد من زعزعة وحدة فريق العمل إذا كان الموظفين من اعراق مختلفة ويؤمنون بمعتقدات مختلفة ومنحازون لأطراف مختلفة.
كيف يقوم القائد بالتصدي للأزمات إذا ما قرر الانحياز للجانب الفلسطيني إذا كان بلد الشركة يسمح بحرية التعبير:
القيادة والمليئة بالتعاطف، والملتزمة بمبادئ العدالة الاجتماعية، ستساهم في تحقيق التغيير الإيجابي، وبناء عالم أكثر عدلاً وإنصافًا. وقد تساهم الخطوات الست التالية في تهيئة الشركة وفريق العمل قبل اعلان الانحياز للقضية الفلسطينية:
1. فهم الاحتلال الإسرائيلي:
من أجل القيادة بفعالية بالقدوة، فمن الضروري أن يكون لدينا فهم عميق “للصراع!” الفلسطيني الإسرائيلي. قم بتثقيف نفسك وفريقك حول السياق التاريخي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتأثير الاحتلال على حياة الفلسطينيين. ستساعدك هذه المعرفة على اتخاذ قرارات مستنيرة واتخاذ موقف مبني على الحقائق والتعاطف.
2. مواءمة الممارسات التجارية مع القيم:
افحص ممارسات عملك وتأكد من توافقها مع قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان. قم بإجراء مراجعة شاملة لسلسلة التوريد الخاصة بك للتأكد من خلوها من أي تواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان. النظر في دعم الشركات المملوكة للفلسطينيين والاستثمار في المبادرات التي تعزز التمكين الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في فلسطين.
3. تعزيز ثقافة الشمول والتنوع:
خلق ثقافة في مكان العمل تعزز الشمول وتحتضن التنوع. تشجيع المناقشات المفتوحة حول الاحتلال الإسرائيلي، مما يسمح للموظفين بمشاركة وجهات نظرهم وخبراتهم. ومن خلال إنشاء مساحة آمنة للحوار، يمكنك تنمية التعاطف والتفاهم والتضامن بين أعضاء فريقك. عندما تتخذ قرارًا مهمًا، يجب أن تكون واضحًا وصريحًا في شرح الأسباب التي أدت إلى هذا القرار. التفسير الواضح للظروف والقيم التي أثرت في القرار يمكن أن يساعد الناس على فهم وجهة نظرك.
إذا كان لدى الموظفين أو العملاء اعتراضات على القرار، يجب أن تعبر عن احترامك لوجهات نظرهم وأن تتعامل مع اعتراضاتهم بجدية. المحادثة المفتوحة والمحترمة تعزز الثقة وتعمق العلاقات.
4. العمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية للشركات:
أظهر التزامك بالوقوف مع فلسطين من خلال المشاركة في الأنشطة الخيرية ودعم المنظمات التي تعمل من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان في المنطقة. فكر في التبرع للجمعيات الخيرية ذات السمعة الجيدة التي تقدم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين أو الاستثمار في البرامج التعليمية التي تمكن الشباب الفلسطيني. نحن في CLLC قدمنا منح دراسية للغة الانجليزية عن بعد والتبرع بخمسين في المائة من رسوم التسجيل. عندما يتوقف العدوان الاسرائيلي ستكون هذه المنح الدراسية عونا لمساعدة الفلسطينيين في ايجاد وظائف.
5. رفع مستوى الوعي:
استخدم منصتك كقائد أعمال لرفع مستوى الوعي حول القضية الفلسطينية. قم بإشراك أصحاب المصلحة، بما في ذلك الموظفين والعملاء والشركاء، من خلال تبادل المعلومات أو تنظيم الأحداث أو استضافة المناقشات التي تلقي الضوء على الواقع الذي يواجهه الفلسطينيون. كن صوتًا من أجل العدالة ومناصرًا للحلول السلمية للصراع.
6. التعاون مع القادة ذوي التفكير المماثل:
ابحث عن فرص للتعاون مع قادة الأعمال الآخرين الذين يشاركونك قيمك والتزامك بالمسؤولية الاجتماعية. من خلال توحيد الجهود، يمكنك تضخيم تأثيرك وإحداث تغيير ذي معنى. يمكن أن تشمل الجهود التعاونية مبادرات مشتركة، أو بيانات عامة، أو حتى الضغط من أجل سياسات تدعم حقوق الفلسطينيين ورفاههم. وهنا اقدم دعوة لجميع القادة الداعمين لقضية فلسطين للاجتماع وتبادل الافكار والمعلومات نحو مساعدة الشعب الفلسطيني. كل ما عليك هو مراسلتي على ايميلي للانضمام معنا نحو مستقبل افضل.
إن القيادة بالقدوة في أوقات الأزمات تتطلب الشجاعة والتعاطف والالتزام بالعدالة. من خلال الوقوف مع فلسطين واستخدام نفوذك كقائد أعمال، يمكنك إلهام الآخرين ليحذوا حذوها، وتعزيز التغيير الإيجابي والمساهمة في عالم أكثر إنصافًا. تذكر أن أفعالك ودعواتك يمكن أن تحدث فرقًا، ليس فقط في حياة الفلسطينيين ولكن أيضًا في تشكيل مستقبل مبني على مبادئ العدالة والمساواة والرحمة. دعونا نقود بنزاهة وتعاطف، ونضع مثالاً يتجاوز حدود العمل ويحدث تأثيرًا دائمًا على المجتمع.